بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صل الله عليه وسلم
قال صلى الله عليه وسلم حاكيا عن ربه:
(( أنا عند حسن ظن عبدي بي, فليظن بي ما شاء))
يعني ما كان في ظنه فأنا فاعله به, ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان,
فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه وأنه لا يخلف وعده, وانه يقبل توبته ,
وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات
فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه.
قال الحسن البصري( أن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل, وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل).
فكيف يكون الفاجر حسن الظن بربه وهو شارد عنه !!!!!!
ان حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه, فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن الظن بربه
أنه يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه, فالذي حمله على العمل حسن الظن,
فكلما حسن ظنه حسن عمله , و إلا فحسن الظن مع إتباع الهوى عجز.
عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال (( الكيـّس من دان نفسه , وعمل لما بعد الموت , والعاجز من اتبع نفسه هواها , وتمنى على الله ))
وبالجملة: فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة , وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يأتي إحسان الظن.
وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه ,
فضيعوا أمره ونهيه ونسوا انه شديد العقاب, وانه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين ,
ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب , فهو كالمعاند.
وقال بعض العلماء : من قطع عضوا منك في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة على نحو هذا.
( من كتاب ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى وهو كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي)